قال محمد بن رشد: قوله ما كانت هذه الأشياء يوم كان القراض، يريد: أنه لم يكن يؤخذ عليها في الزمن الأول أعواض.
والواجب أن يرجع في هذه الأشياء كلها إلى العرف والعادة في كل زمن وكل بلد، فما لم تجر العادة أن يؤخذ عليه عوض من ذلك لم يصح له أن يعطي عليه عوضا من القراض، وما جرت العادة أن يؤخذ عليه عوض من ذلك وقدره يسير يتكرر جاز له أن يعطيه من مال القراض؛ لأن رب المال قد علم بذلك ودخل عليه لتكرره، بخلاف الدواء الذي إنما يؤخذ عند المرض فلا يصح له أن يعطيه من القراض إذ لم يدخل على ذلك رب المال معه، وبالله التوفيق.
[مسألة: زكاة القراض]
مسألة وسألته عن زكاة القراض، فقال: زكاة رأس المال على رب المال، وزكاة الربح من بينهما على قراضهما، وذلك أن يكون رأس المال ألف دينار فيرفع فيها خمسة وعشرين دينارا فيؤدي من الألف رأس المال زكاتها خمسة وعشرين دينارا على رب المال، ثم يؤخذ من الخمسة وعشرين دينارا زكاتهما ربع العشر ثم يقتسمان ما بقي بينهما على قراضهما.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أن ربح القراض يزكى كما يزكى رأس المال، قيل: إذا كان في رأس المال وحصة رب المال من الربح ما تجب فيه الزكاة وهو المشهور من مذهب ابن القاسم.
وقيل: إذا كان في جميع المال بربحه ما تجب فيه الزكاة وهو قول أشهب وروايته عن مالك ومذهب سحنون واختيار محمد بن المواز.
وقيل: إنه لا يجب على العامل في حظه من الربح زكاة حتى يكون ما تجب فيه الزكاة فرأس المال وحصة رب المال من الربح مزكاة على ملكه باتفاق، لا يجب في ذلك زكاة إلا أن يكون حرا مسلما لا دين عليه ويكون قد حال عليه الحول وفيه ما تجب فيه الزكاة وفيه مال سواه إن كان له مال سواه قد حال عليه الحول ما تجب فيه الزكاة.