المدونة، وقول ابن أبي حازم، وابن الماجشون وروايته عن مالك في المدنية، ومثله لمالك في كتاب ابن المواز، قال: لا يشهد الرجل على الرجل بما سمع من إقراره على نفسه دون أن يشهده على ذلك، إلا أن يكون قاذفا. والثاني: أن شهادته جائزة، وهو أحد قولي مالك في المدونة، واختيار ابن القاسم فيها، وأما شهادته عليه بما سمع منه من شهادته على غيره بحق أو قذف أو زنا، فلا اختلاف في أنه لا يجوز له أن يشهد على شهادته بما سمع منه دون أن يشهده، فإن شهد لم تجز شهادته، وحد إن كان شهد على شهادته في زنا على اختلاف في ذلك، وقد ذكرناه في غير هذا الكتاب، واختلف إن سمعه يؤديها عند الحاكم، أو كان هو الحاكم فشهد بها عنده أو سمعه، يشهد غيره على شهادته، ولم يشهده هو، فالمشهور أن شهادته على شهادته جائزة، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية ورواية حسين بن عاصم عنه في بعض روايات العتبية من هذا الكتاب، والذي يأتي على قياس قوله في المدونة في إجازة شهادة الرجل على الرجل، بما سمع منه إذا استوعب كلامه، وإن لم يشهده، وقد قيل: إنها لا تجوز، وهو الذي يأتي على قياس أحد قولي مالك في المدونة، ورواية ابن الماجشون عنه في المدنية، وما حكاه ابن المواز عنه، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهدوا على امرأة أنها أوصت بكذا فشهد آخرون أنها كانت موسوسة]
مسألة وسئل عن قوم شهدوا على امرأة أنها أوصت بكذا وكذا في مرضها، وهي صحيحة العقل، فشهد آخرون أنها كانت موسوسة؟ فقال: أرى أن تثبت شهادة الذين شهدوا في الوصية، وتطرح شهادة الذين شهدوا أنها موسوسة.
قال الإمام القاضي: هذه مسألة قد مضى التكلم عليها في آخر نوازل سحنون، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.