قال محمد بن رشد: قوله: لا ضمان على صاحبها حتى يتقدم إليه السلطان خلاف ما في المدونة وخلاف ما مضى في سماع يحيى قبل هذا من أنه يضمن إذا أنهى إليه وأشهد عليه وإن لم يكن ذلك بسلطان، وقيل: إنه ضامن وإن لم يتقدم إليه ولا أشهد عليه، قاله أشهب وسحنون في الحائط إذا بلغ مبلغا يجب عليه هدمه فتركه، وكذلك يجب على مذهبهما في الدابة الصئول والكلب العقور إذا علم بحالهما فلم يغربهما ولا حبسهما حتى عديا على أحد فقتلاه.
وقول أشهب هاهنا (في الدابة) قول رابع في المسألة. ووجهه: أنه حمل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «جرح العجماء جبار» على عمومه في كل حال.
وهذا الاختلاف كله إنما هو إذا حبس الدابة الصئول حيث يجوز له حبسها فيه، واتخذ الكلب العقور حيث يجوز له اتخاذه فيه، وأما إن اتخذ الكلب العقور أو حبس الدابة الصئول حيث لا يجوز له فهو ضامن لما أصابا، وإن لم يتقدم إليه قولا واحدا، وقد مضى في سماع يحيى ذكر الاختلاف في هل تحمل العاقلة من ذلك في الأحرار ما بلغ الثلث، فلا معنى لإعادته.
[مسألة: وجد في زرعه مهرين فساقهما إلى داره فأدخلهما داره فتلفا]
مسألة قال: وسألت ابن وهب: عن رجل وجد في زرعه مهرين فساقهما إلى داره فأدخلهما داره، فلما كان من جوف الليل خرقا داره أو خرقا زرب الدار فخرجا منها فعقرتهما السباع، فهل يضمنهما الذي ساقهما إلى داره؟ أو إن كانا في داره وعقرهما