قال محمد بن رشد: هذا كله بيّن على ما قاله؛ لأنَ الرشد في الاتباع ويكره في الأمة كلها الابتداع فلن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مِمَّا كان عليه أولها (والمدينة) دارُ الهجرة وبها توفي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، والصحابةُ خير الأمة الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وتبليغ دينه وإقامة شرعه بها مُتَوَافِرُونَ، فما عملوا فيه ودرجوا عليه هو الهدى الذي لا ينبغي العدول عنه وبالله التوفيق.
[مسألة: يوصِي بالرقبة أترى أن يشتري أبوه فيعتق عنه]
مسألة وسئل: عن الرجل يُوصِي بالرقبة أترى أن يُشْتَرَي أبوه فيعتق عنه؟ .
قال: إن كان تطوعا فإني أرى ذلك، وإن كان ظهارا أو ما أشبهه مما هو عليه فغيرُه أَحَبُّ إلي منه.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إِن ذلك جائز في التطوع بل هو المختار المستحب؛ لِأنه أعظمُ في الأجر من عتق الأجنبي، لما في ذلك من صلة القرابة، وقد روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلا أَنْ يَجدَهُ مَمْلُوكا فَيَشْتَرِيهِ فَيُعْتِقُهُ» أي فيكون حرا بنفس شرائه إياه، لا أنه يستحِدثُ له عتقا بعد مِلْكِه إياه، إذْ لا يستقر له عليه ملك إِلَّا أنه يصير بشرائه إياه في حكم المملوك المعتق في وجوب الولاء له.
وأما قولهُ: إن كان ظهارا أو مما أشبهه مما هو عليه فغيرُه أحب إلي منه فتجاوزٌ في اللفظ ليس على ظاهره في استحاب عتق سِوَاهُ بل هو الواجب، إذ لا يُجْزِئ عنه في الظهار، والوصي ضامن إن فعل ذلك.