قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا شهادة لهما، إذ لا يثبت العتق بشاهد واحد، ولا تجوز فيه شهادته، وقد مضى في رسم العرية ورسم يوصي لمكاتبه تحصيل القول فيما يلزم من شهد من الورثة بعتق على موروثه فلا معنى لإعادته، فإن اجتمعا جميعا على عبد واحد ولم يكن للميت وارث غيرهما جاز إقرارهما على أنفسهما، وعتق في ثلث الميت، كما قال: إن كان إنما شهدا أنه أعتقه في مرضه أو أوصى بعتقه، وهذا بين لا إشكال فيه، وبالله التوفيق.
[مسألة: إخوة ثلاثة شهد اثنان منهم بعتق عبد وقال الثالث لا]
مسألة وسألته: عن إخوة ثلاثة، شهد اثنان منهم بعتق عبد، وقال الثالث: لا، بل هو هذا، ولا وارث له غيرهم.
قال: يعتق الذي شهد له الشهيدان إن حمله الثلث ولا يعتق الذي أقر له الواحد إلا أن يملكه كله أو بعضه فيعتق عليه منه ما حمل الثلث، فإن لم يملكه كله وملك منه بعضه عتق منه عليه ما ملك، ولم يقوّم عليه حظوظ شركائه، قال: وإن لم يصر له منه إلا مال أمر بأن لا يأكله وأن يجعله في رقبة يعتقها، فإن لم يكن فيه ما يعتق به رقبة استتم به قطاعة مكاتب أو أعتق هو وقوم عبدا، قال عيسى: وهذا إذا كان الذي شهد للواحد مكذبا لشاهدي الآخر، وأما إذا كان الذي شهد لهذا غير مكذب لشهادة الأولين للآخر فإنما يعتق عليه من الذي شهد له، إذا ملكه ما كان يحمل الثلث منه مع الآخر أو تحاصا فيه.
قال محمد بن رشد: قوله: شهد اثنان منهم بعتق عبد - معناه: أنه أوصى بذلك أو بتل عتقه في مرضه الذي مات منه، بدليل قوله: يعتق الذي شهد له الشهيد إن حمله الثلث.