وهو مما لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب، وما احتج به مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - من إجازة شهادة الرجل على المرأة بما سمع منها من وراء الستر إذا كان قد عرف صوتها ليحدث أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أزواج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بعد موته بما سمعوا منهن من وراء الحجاب صحيح، لا خروج لأحد عنه، وكذلك احتجاجه على إجازة الشهادة على الصوت بكون ابن أم مكتوم مؤذنا إماما صحيح؛ لأن الإمام يقتدى بأذانه من يسمعه ولا يراه في أوقات الصلوات وطلوع الفجر في رمضان إذا علم عدالته، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» .
فألزم الناس الاعتبار بأذانهما على ما عرفوا من أصواتهما، ولا معنى لقوله: وقد كان ابن أم مكتوم رجلا أعمى؛ لأن الحجة إنما هي في كونه إماما مؤذنا يقتدي به في صلاته وأذانه من لا يراه إلا في كونه رجلا أعمى، وقد قال ربيعة: لو لم تجز شهادة الأعمى ما جاز له وطء أمته ولا زوجته، وقوله صحيح ظاهر؛ لأنه لا يعرفها إلا بكلامها.
قال المغيرة: وسواء ولد أعمى أو لم يولد، شهادته مقبولة، والله الموفق ولا رب غيره ولا خير إلا خيره.
[الرجل يشهد للرجل على رجل وللشاهد على المشهود له حق]
ومن كتاب أوله اغتسل على غير نية وسئل مالك: عن الرجل يشهد للرجل على رجل وللشاهد على المشهود له حق، قال: لا يضر ذلك شهادته وهي جائزة، قال ابن القاسم: بلغني عنه أنه إذا كان المشهود له موسرا قبلت شهادته، وإن كان معدما لم تقبل؛ لأنه إنما شهد لنفسه. قال سحنون: قال ابن القاسم: وكذلك لو شهد رجل لرجل وللمشهود له على الشاهد حق أنه إن كان مليا جازت شهادته، وإن كان معدما لم تقبل ولم تجز.