قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الحالف بالطلاق أو بالمشي أو بالصدقة وما أشبه ذلك، أن يفعل فعلا، لا يقع عليه الحنث إلا بعد الموت؛ لأنه في فسحة في فعل ما حلف ليفعلنه ما لم يمت، إلا أنه على حنث، فلا يجوز له الوطء إن كان حلف بالطلاق وله أن يُحنِّث نفسه فيما شاء من ذلك، فإن أراد إذا حلف بجميع ذلك أن يحنث نفسه في الطلاق وحده فيطلق امرأته واحدة كما حلف ليرتجع ويطأ كان ذلك له، فإن بر بالتزويج قبل الموت سقط عنه المشي والصدقة، وإن لم يبر حتى مات كانت الصدقة في ثلث ماله؛ لأن الحنث إنما وجب عليه بعد الموت، ولم يكن على ورثته في المشي شيء إلا أن يوصي بذلك فينفذ عنه المشي من ثلث ماله، وقيل: إنه يُهدى عنه هديان، ولا يُمشى عنه حسب ما مضى من القول في ذلك في رسم حلف الثاني من سماع ابن القاسم من كتاب الحج، هذا هو المشهور.
وقد قيل في الحالف ليفعلن فعلا إنه على التعجيل إلا أن يريد التأخير ويحنث إن أخر فعل ذلك الفعل الذي حلف ليفعلنه، وهو قول ابن كنانة ورواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك في المدونة في الحالف لينتقلن أنه إن لم ينتقل تلك الساعة حنث، وهذا القول في الحالف على غيره ليفعلن أكثر، وهو لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب العتق.
[مسألة: حلف لرجل فقال امرأته طالق إن خرجت من الفسطاط]
مسألة وقال في رجل حلف لرجل فقال: امرأته طالق إن خرجت من الفسطاط وأنت تسلني شيئا فأحاله على رجل فرضي بالحوالة، قال: لا بأس عليه ولا شيء عليه إن كان من أصل دين له على من أحاله، وإن لم يكن من أصل دين فهو حانث، وأما الضمان فلا يخرجه عن يمينه، ولو حلف ليقضينه حقه لم تنفعه الحوالة أيضا وإن كان من أصل دين.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن الحوالة من أصل دين يبريه