في هذه التجزية مستوفى قبل هذا، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[قول الأنصار إذ دعاهم النبي عليه السلام ليقطع لهم بالبحرين]
في قول الأنصار إذ دعاهم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
ليقطع لهم بالبحرين قال: وسمعت مالكا يقول: حدثني يحيى بن سعيد، عن انس بن مالك، «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دعا الأنصار فأراد أن يقطع لهم بالبحرين فقالوا: لا يا رسول الله حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين، فقال لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنه ستصيبكم أثرة من بعدي، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» .
قال محمد بن رشد: مصداق هذا الحديث في كتاب الله، حيث يقول في ثنائه على الأنصار:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩] نزلت في الذي أضافه منهم ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه، فقال لامرأته: نومي الصبية وأطفئي السراج، فجعل يري ضيفه أنه يأكل معه وهو لا يأكل، وقوله: ستصيبكم بعدي أثرة، يروى أثرة بفتح الألف والثاء، ويروى أثرة بضم الألف وإسكان الثاء، والمعنى في ذلك سواء يقول: سيأتي زمن يستأثر عليهم فيه بالأموال، وأراد بقوله: ستصيبكم أمته إلا المخاطبين بأعيانهم، فكان كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي هذا ترك الخروج على أمراء الجور.