فضل عمر بن الخطاب؟ فقيل له: بالشهادة والخلافة وبأنه لا يخاف في الله لومة لائم، فأتى الرجل إلى عمر وهو قاعد مع أبي بكر فقص عليه الرؤيا، فقال عمر: أحلام نائم، فلما ولى أرسل إليه، فقال: أخبرني بالرؤيا، فقال: ما كنت أخبرتك فرددتها علي، فقال: أو لا تستحي أن تقصها وأبو بكر حي، فقصها عليه الرجل فقال: الخلافة، فقال: هذه أولهن ثم قال: وبالشهادة، فقال عمر: أنى لي بالشهادة والعرب حولي، ثم قال: والله إني لقادر على ذلك، ثم قال: وإنه لا يخاف في الله لومة لائم، فقال عمر: ما أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من دار الحق فأدير.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه الحكاية في المدونة فقال فيها: وما كنت تستحيي أن تذكر فضيلتي في موضع فيه أبو بكر؟ والذي ها هنا أولى وأصح في المعنى؛ لأنه إنما كره أن يقص الرؤيا بحضرة أبي بكر والله أعلم، لما فيها من ذكر الخلافة وأبو بكر خليفة، وأما فضيلته فمعلومة يعرفها أبو بكر ويقر له بها، وإن كان هو لا يدعيها، وما يظهر من قوله أن تذكر فضيلتي، وليس في الرؤيا ما يدل على أن له عليه فضلا، إذ لم يقل إن أبا بكر كان في جملة الناس الذين فضلهم، فإنما أنكر عليه أن يقص الرؤيا بحضرة أبى بكر لما فيها من خلافته، والله أعلم، وهذه الرؤيا وما كان مثلها حق؛ لأنها جزء من أجزاء النبوءة، قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الرؤية الصالحة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوءة، أو من خمسة وأربعين، أو من سبعين» على ما روي من ذلك كله عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وقد مضى الكلام في المعنى