[قال لامرأته إن لم أتزوج عليك إلى ثلاث سنين فأنت طالق ألبتة]
ومن كتاب أوصى أن ينفق على أمهات أولاده وقال فيمن قال لامرأته: إن لم أتزوج عليك إلى ثلاث سنين فأنت طالق ألبتة، فجزعت من ذلك واشتد عليها، فقال لها: إن تزوجت عليك فأمرك بيدك، فقالت: اشهدوا أني قد اخترت نفسي الساعة، إن هو تزوج، قال مالك: هي طالق الساعة.
قلت لابن القاسم: فإن رد عليها وقال: لم أرد إلا واحدة، قال: فذلك له، ويقع ما أراد من الطلاق الساعة، ويكون له عليها الرجعة.
قال محمد بن رشد: قوله: فقالت اشهدوا أني قد اخترت نفسي الساعة إن هو تزوج علي، معناه: فقالت: اشهدوا أني اخترت الساعة أن أكون طالقا ثلاثا، متى ما تزوج علي، فلما كان ذلك لازما لها عند مالك، وقد كان حلف بطلاقها ثلاثا إن لم يتزوج عليها إلى ثلاث سنين، صار في كل وجه يصرفه إليه، لا بد له من الطلاق ثلاثا؛ لأنه إن تزوج بانت منه بثلاث لاختيارها نفسها إن تزوج عليها، وإن لم يتزوج عليها إلى ثلاث سنين بانت منه بثلاث أيضا، فلهذا قال: هي طالق الساعة، يريد ثلاثا؛ لأنه في حكم من قال: إن لم أطلق امرأتي ثلاثا إلى ثلاث سنين فهي طالق ثلاثا.
وأما قول ابن القاسم: فإن رد عليها وقال: لم أرد إلا واحدة، فذلك له، ويقع ما أراد من الطلاق الساعة، ويكون له عليها الرجعة، فمثله حكى ابن حبيب عنه من رواية أصبغ، ولا وجه له يصح، والصواب في ذلك على قياس ما تقدم من قول مالك ومذهبه في المدونة: أن يوقف فيقال له: إما تزوجت فيقع لك تطليقة واحدة، وتكون لك الرجعة، وتبر في طلاق الثلاث، وإما أن تعجل عليك طلاق الثلاث، إذ لا خلاص لك منها إلا بالتزويج، إذ لا فرق بين أن تختار واحدة إن تزوج عليها، أو يقول: إن تزوجت عليك فأنت طالق واحدة، وذلك يوجب ما قلناه؛ لأنه في التمثيل بمنزلة من قال: إن لم أطلق امرأتي إلى ثلاث سنين واحدة، فهي طالق ثلاثا. والواجب في ذلك على قول