نفسان أخذت بالرخص فقدمت إحداهما، فإن كان الأمر على ذلك وإلا رجعت على نفسي الأخرى فاستعنيت، إنما هي نفس واحدة.
قال محمد بن رشد: ليس معنى هذا في الرخص التي رخص الله فيها لعباده في كتابه أو على لسان رسوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من التعجيل في يومين من قوله عز وجل:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: ٢٠٣] ، أو من الفطر في رمضان في السفر وما أشبه ذلك، إذ لا اختلاف في أن الأخذ بالرخص في مثل هذا جائز، بل قد قيل إن ذلك أفضل لما جاء من أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى شدائده.
وإنما معناه فيما اختلف العلماء فيه فأجازته طائفة منهم وحظرته أخرى، فهو إن أخذ بقول المحظرين لذلك الشيء فلم يستبحه سلم، وإن أخذ بقول من أجازه فاستباحه لم يأمن من مواقعة الخطأ والوقوع في المأثم. فلو كان له نفسان كما قال لم يبال من إثم الواحدة إذا سلمت له الثانية من الإثم. وأما وليس له إلا نفس واحدة فمن الحظ له الاحتياط لها، وبالله التوفيق.
[الاجتهاد في العبادة]
في الاجتهاد في العبادة وسمعته يحدث عن سليمان بن القاسم قال: يقولون لي: لو رفقت بنفسك، والله لأنا بما أنا فيه ألذ من أهل افتضاض العذارى لعذاراهم. وسمعته يحدث عن محمد بن يحيى الإسكندراني عن رجل كان يصلي في البحر ويتعلق بالحبل، وأنه غلبته عيناه فنام، فلما استيقظ قال لرجل: ما منعك أن توقظني؟