لأنه لما قال أبدا اقتضى قوله الحياة والموت بخلاف أن لو قال: ما عاشت، وقد مضى هذا والقول فيه مستوفى في رسم الأقضية، من سماع أشهب، من كتاب النذور، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لزوجته أنت طالق إن لم تأكلي هذه القطعة من اللحم فجاءت هرة فأكلتها]
مسألة وقال في رجل تغدى مع امرأته لحما، فجعلت المرأة لحما بين يديه ليأكله، فأخذ الزوج منها بضعة، فقال لها: كلي هذه، فردتها بين يديه، فقال لها: أنت طالق إن لم تأكليها، فجاءت هرة فذهبت بها فأكلتها، فأخذت المرأة الهرة فذبحتها، فأخذت البضعة فأكلتها المرأة، هل يخرج من يمينه؟
قال: ليس ذبح الهرة ولا أكلها ولا إخراج ما في بطنها ولا أكله من ذلك بشيء، ولا يخرجه ذلك من يمينه في شيء لحنث في مثله، فإن كان ساعة حلف لم يكن بين يمينه وبين أخذ الهرة البضعة قدر ما تتناولها المرأة وتحوزها دونها، فلا شيء عليه، وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحوزها دونها فعلت، فهو حانث.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في الواضحة عن مطرف، وابن الماجشون، وهو صحيح على المشهور في المذهب من حمل الأيمان على المقاصد التي تظهر من الحالفين بها، وإن خالف ذلك مقتضى ألفاظهم فيها؛ لأن الحالف على امرأته أن تأكل البضعة من اللحم لم يرد وقت يمينه أن تأكلها، إلا وهي على حالها مستبدأة مستساغة، لا على أنها مأكولة تعاف وتستكره، وقد روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنها استخرجت من بطن الهرة صحيحة كما هي حينما بلعته من قبل أن ينحل في جوفها شيء منها، فأكلتها فلا حنث عليه، وقوله: يأتي على مراعاة ما يقتضيه مجرد الألفاظ في الأيمان دون اعتبار المقاصد فيها، وهو أصل