ولأن الخيار يختلف، يختار ما لا يوافق الثاني، وليس للآخر أن يختار ما لم يجب الأول حتى يختار للأول ولا يجوز أيضا؛ وإن قال (له) اختر فأنا أشتري ما تختار أنت؛ لأنه غرر؛ وهو خلاف لو مات المشتري الأول قبل أن يختار، كان لورثته أن يختاروا لأنهم كأنهم هو.
قال محمد بن رشد: قد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم استأذن من سماع عيسى، فلا معنى لإعادته.
[مسألة: يشتري الزرع بعدما طاب ويبس بثمن فاسد فتصيبه عاهة فيتلف قبل أن يحصد]
مسألة قال ابن القاسم: في الرجل يشتري الزرع بعدما طاب ويبس بثمن فاسد، فتصيبه عاهة فيتلف قبل أن يحصد، إن مصيبته من المشتري وهو قابض؛ وهو خلاف الذي يشتري الزرع قبل أن يبدو صلاحه على أن يتركه فيصاب بعدما يبس، إن مصيبته من البائع؛ لأنه لم يكن قبض ما اشترى حتى يحصد.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأنه إذا اشترى الزرع بعد أن طاب ويبس بثمن فاسد، دخل بالعقد في ضمانه؛ إذ لا توفية فيه على البائع، من أجل أنه جزاف؛ ألا ترى أنه لو اشتراه شراء صحيحا، لكانت مصيبته منه بالعقد؛ لأن حصاده عليه ولا جائحة فيه، فهو كالصبرة من الطعام تشترى جزافا؛ وإذا اشترى الزرع قبل أن يبدو صلاحه على أن يتركه، لم يدخل في ضمانه حتى يقبضه؛ لأنه إنما اشتراه على أن يتركه، وقبضه إنما يكون بحصاده، وهذا ما لا اختلاف فيه أعلمه، أعني في أن مصيبته من البائع، ما لم يقبضه المشتري بحصاده؛ ولو باعه على الجد بيعا صحيحا، أو تصدق به؛ أو وهبه؛ لجرى ذلك على الاختلاف في الذي