قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا لم يعلم صاحب المركب أن المال قراض فالأحد والعشرون دينارا لصاحب المال؛ لأنه لم يرد بعطيته سواه، وأما إذا علم أن المال قراض فالعطية بينهما على قراضهما؛ لأنه لما ترك كراء مركبه ووهبه وهو يعلم أنه قراض حصل التمر محمولا بغير كراء، فحصلت العطية لهما إلا أن يقول صاحب المركب: إنما أردت أن يختص صاحب المال بجميع الكراء إذ قد كان وجب لي، فيكون ذلك له، وبالله التوفيق.
[: أيجوز لرب المال أن يأخذ الدنانير القائمة ويعطي العمل قدر ربحه تبرا]
ومن كتاب العارية وقال، في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا عشرة دنانير تنقص خروبة فاشترى به سلعة فباعها بعشرة دنانير قائمة فأراد الذي له الدنانير أن يأخذها ويعطيه قيمة ربحه ورقا أو تبرا أو يأخذها ويعطيه قدر ما ينوبه دنانير.
قال ابن القاسم: لا يصلح ذلك من قبل الذهب بالذهب متفاضلا.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال إنه لا يجوز لرب المال أن يأخذ الدنانير القائمة ويعطيه قدر ربحه منها تبرا ذهبا أو دنانير؛ لأن ربحه لم يتعين في الدنانير القائمة التي باع بها السلعة ولا حصل شريكا مع رب المال فيها بقدر ربحه، إذ لا يجوز له الربح إلا بعد أن ينض رأس المال لصاحبه دنانير ناقصة خروبة على ما دفعه إليه، وذلك لا يكون إلا بعد بيع الدنانير القائمة بدراهم وبيع الدراهم بدنانير ناقصة خروبة كما دفعها إليها هو، وهو الآن لا يدري إذا فعل ذلك كم ينض له من الربح أو هل يكون له ربح أم لا، إذ لعله سيستلف من الدنانير أو الدراهم شيئا في حال تصريفه إياها، فدخل ذلك الغرر مع ما ذكره ابن القاسم في الرواية من بيع الذهب بالذهب متفاضلا، ولم يجب ابن القاسم في الرواية إذا أعطاه قيمة ربحه ورقا. ويظهر