يكون فيه ما لا يجوز بيعه، وذلك غرر لو أراد رجل أن يبيع نصف ما يحصد رجل في يوم أو يومين، أو نصف ما يجذ في ذلك، لم يجز. وكذلك الحكم في قوله: القط زيتوني هذا، فما لقطت منه من شيء فلك نصفه، فإنما لم يجز على القول بأنه لا يجوز لما ذكرناه من أنه لما كان للمجعول له أن يترك متى شاء، وأوله أيسر في اللقط من آخره، دخله الغرر؛ إذ لا يدري الجاعل هل يستوفي المجعول له لقط جميعه، أو يترك منه بعضه، فيلزم على ما قلناه في المجاعلة على اقتضاء الديون بالجزء مما يقتضي منها، إذا كان الحكم فيها أن يلزم الجعل للجاعل بشروع المجعول له، ألا يجوز الجعل في ذلك؛ لأن الجعل فيه يكون غررا؛ ألا ترى أنه لو أراد بيع ما يقتضي المجعول له في يوم أو يومين لم يجز، ولهذه العلة لم يجز ذلك أشهب، والله أعلم، لا لما قاله أصبغ من أنه رآه من باب الجعل في الخصام؛ إذ قد يكون مقرا بالديون، فلا يكون فيه خصام، وإن كان الحكم في ذلك ألا يلزم واحدا منهما كالحصاد واللقط، وإنما لم يجز ذلك أشهب؛ لأنه رأى اقتضاء أول الدين أيسر من آخره، فأشبه اللقط عنده، ولذلك لم يجزه، وهذا أظهر من التأويل الأول، وبالله التوفيق.
[مسألة: جعل لرجل في عبد له أبق جعلا إن جاء به وقد أنفق عليه نفقة]
مسألة قال ابن القاسم، وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: من جعل لرجل في عبد له أبق جعلا إن جاء به، وقد أنفق عليه نفقة، فالنفقة من الذي جاء به، والجعل له فقط، وإن أرسله بعد أن أخذه تعمدا ضمن العبد.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن الجعل إنما جعله