المرض بنفس تبتيله إياه حرا يرث ويورث ويجب الحدود له وعليه، ومرة قال: لا يكون الموصى له بالحرية حرا بموت سيده وإن كانت له أموال مأمونة حتى يقوم ويعتق، ولا يكون المبتل في المرض حرا بتبتيله إياه حتى يصح أو يموت فيعتق في ثلثه، والقولان في المدونة، وقول سحنون: بعد وفاة سيدها، يريد أن الموصى بعتقها لا يحد من قذفها إذا كانت لسيدها أموال مأمونة إلا إذا كان ذلك بعد وفاة سيدها، وذلك على ما قال لا إشكال فيه، وبالله التوفيق.
[: الذي يشتمه خاله أو عمه أو جده]
ومن كتاب سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال مالك في الذي يشتمه خاله أو عمه أو جده لا أرى عليهم في ذلك شيئا إن كان على وجه الأدب له وكأني رأيت مالكا لا يرى الأخ مثله إذا شتمهم، وسئل ابن القاسم عن العم والجد والخال إذا كان من شتم أحدهم ما يفتري عليه، قال: يحدون إذا طلب ذلك.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك؛ لأنه إنما يتجافى لهم عن الشتم فيما دون ما يجب فيه الحد إذا كان ذلك منهم على وجه الأدب، ولم ير الأخ في ذلك مثل الجد والعم والخال، يريد إذا كان يقرب منه في السن والحال، وأما إذا كان له عليه من الفضل في السن والسداد والعقل والفضل ما يشبه أن يكون شتمه إياه أدبا منه له فيتجافى عنه في ذلك كالجد والعم والخال، وأما القذف فيحدون له إذا قذفوه كما قاله ابن القاسم، وإنما اختلف في الأب إذا قذف ابنه فاستثقل مالك في المدونة أن يحده، وقال: ليس ذلك من البر، وقال ابن القاسم: يحد له وعفوه عنه جائز عند الإمام، قال في كتاب ابن المواز: ولا تقبل شهادته إن حده لأن الله تعالى يقول: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] وهذا يضرب، وهو معنى قول مالك في المدونة: ليس ذلك من البر، وحكى ابن حبيب عن أصبغ أن الأب لا يحد له أصلا، وبالله التوفيق.