في بزر الكتان، إذ لا فرق بينهما في القياس؛ لأن الزكاة إنما تجب في ذلك عند من أوجبها فيه، من أجل ما يخرج منه من الزيت، قياسا على الزيتون.
[ثناء ابن مسعود على معاذ بن جبل]
في ثناء ابن مسعود على معاذ بن جبل قال مالك: بلغني أن عبد الله بن مسعود كان يقول: يرحم الله معاذ بن جبل، كان أمة قانتا لله. فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، إنما ذكر الله بهذا إبراهيم. قال ابن مسعود: إن الأمة التي تعلم الناس الخير، وإن القانت هو المطيع لله ورسوله.
قال محمد بن رشد: المعنى بين فيما وصف ابن مسعود معاذ بن جبل؛ لأنه من فضلاء الصحابة وعلمائهم. قال فيه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنه أعلمهم بالحلال والحرام وإنه يأتي أمام العلماء يوم القيامة» وكان من السبعين الذين شهدوا العقبة من الأنصار، وشهد بدرا والمشاهد كلها. وآخى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين ابن مسعود. وقيل: بل آخى بينه وبين جعفر بن أبي طالب، وهو أحد عماله على اليمن، بعثه على الجند من اليمن واليا ومعلما. «وقال له حين بعثه: بما تقضي؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي. فقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي رسوله» . وكان شابا جميلا براق الثنايا عظيم العينين، حسن الشعر، سمحا، لا يمسك، فلم يزل يدان حتى استغرق الدين ماله، فجعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لغرمائه، ثم استعمله على اليمن، فقدم منه بعد موت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خلافة أبي بكر. وقد تجر في مال الله، فأصاب فيه، فأشار عليه عمر أن يتخلى عنه، فقدم به على