[مسألة: ينصرف من منى إلى مكة وهو من أهلها فتدركه الصلاة قبل وصوله مكة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل ينصرف من منى إلى مكة وهو من أهل مكة، فتدركه الصلاة من قبل أن يصل إلى مكة، أترى يتم الصلاة؟ قال: نعم. وأهل المحصب يتمون وراءهم مثلهم، وأرى أن يحصب الناس بالمحصب حتى يصلوا العشاء.
وقد حصب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال لي بعد ذلك أرى أن يصلوا ركعتين حين ينزلون بالمحصب إذا أدركهم الوقت فيما بين منى ومكة، وإن تأخروا بمنى صلوا ركعتين. قال ابن القاسم: وقوله الأول أعجب إلي أن يتموا قبل أن يأتوا المحصب.
قال مالك:«حج معاوية بن أبي سفيان فصلى بمنى ركعتين، فكلمه مروان في ذلك وقال: أنت القائم بأمر عثمان، تصلي ركعتين وقد صلى عثمان أربعا، فقال: ويلك أنا صليتهما هاهنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ركعتين، قال: فلم يزل به مروان حتى صلى أربعا» .
قال محمد بن رشد: أما من قدم مكة ولم ينو المقام بها أربعا حتى خرج إلى الحج فلا اختلاف في أنه يقصر بمنى وفي جميع مواطن الحج لأنه مسافر بعدُ على حاله، وإنما اختلف أهل العلم فيمن نوى الإقامة بمكة أو كان من أهلها وخرج إلى الحج، فقيل: إنه يتم لأنه ليس في سفر يقصر في مثله الصلاة، وهو مذهب أهل العراق، وقيل إنه يقصر لأنها منازل سفر وإن لم يكن سفرا يقصر في مثله الصلاة.
وإلى هذا ذهب مالك، ودليله «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة، فأقام بمكة إلى يوم التروية، وذلك أربع ليال» ، ثم خرج فقصر بمنى، فلم يختلف قول مالك: إنه يقصر بمنى وعرفة، وفي جميع مواطن الحج إلا في رجوعه من منى إلى مكة بعد انقضاء حجه إذا نوى الإقامة بمكة أو كان من أهلها على ما تقدم، فكان أولا