قال محمد بن رشد: هذا صحيح على معنى ما في المدونة أنه إن انصرف فارغا وترك الرفع إلى السلطان أو التلوم والإشهاد إن كان في موضع لا سلطان فيه فيلزمه الرجوع إلى ذلك الموضع ليحمل (له) مثل ذلك القمح.
وسواء على مذهب ابن القاسم، كان الكراء موجودا بذلك المكان أو غير موجود، وقال ابن وهب: إن كان الكراء بذلك الموضع موجودا انفسخ الكراء فلم يكن له كراء ولا كان عليه أن يرجع ثانية، وإن كان الكراء بذلك الموضع غير موجود كان له كراؤه ولم يكن عليه أن يرجع ثانية، وسيأتي القول على هذه المسألة مستوفى في (أول) سماع ابن القاسم من كتاب الرواحل والدواب، إن شاء الله تعالى، وبه التوفيق.
[مسألة: تعذر بلوغ المكان المحدد لأمر خارج عن إرادة الأجير]
مسألة وقال، في رجل تكارى من نوتي إلى الإسكندرية، فلما بلغ المليوس وقف المركب من قلة الماء، قال: يحاسبه على قدر ما بلغ من الكراء، قيل له: فإن النوتي ظن أنه يلزمه حمولته إلى الإسكندرية، فاكترى على ذلك المتاع من المليوس بمثل كرائه حتى بلغ به الإسكندرية، قال: لا شيء للنوتي لو شاء لم يفعل؛ لأن ذلك ليس عليه هو في موضع يجد السلطان فيخاصمه إليه حتى يفسخ عنه، قيل له: أرأيت لو أن المركب وقف في موضع ليس فيه أحد ولا يجد فيه سلطانا فخشي أن يهلك ذلك المتاع