قال أبو محمد في النوادر: أراه جعل اختلافهما في مدة العارية شبهة أوجب له بها قيمته أصولا لا مقلوعا بعد يمين المستعير، وكان الغرس كالحيازة بخلاف اختلافهما في مدة سكنى الدار، وبالله التوفيق.
[: طلب صاحب الأرض من الزارع المتعدي قلع الزرع]
نوازل أصبغ بن الفرج وسئل أصبغ: عن رجل تعدى على أرض رجل فزرعها فجاء رب الأرض وقد فات أوان الحرث، وقد اشتد الزرع وكبر، فقال للزارع: اقلع زرعك فإني أحتاج إلى أرضي أغرسها مقثاة أو أزرعها بقلا فأنتفع بها، والأرض أرض سقي وهو يمكنه الانتفاع بها. فهل ترى ذلك له؟
فقال: لا أرى ذلك له، وليس فيها إلا الكراء؛ لأنه قد فات إبان الزرع وهو إن قلع زرعه لم يستطع أن يزرع فيها زرعا آخر، لفوات إبان الزرع، فليس له أن يقلع زرعه وأرى هذا من الضرر بعد أن خرج من إبان الزرع، قلت: أرضه هذه ليست من أرض المطر، إنما هي من أرض السقي وهو يسقيها متى ما أحب، وقد بقيت له فيما بقي من السنة منفعة عظيمة من مقثاة يضعها أو بقل يزرعه، أو ما أشبه ذلك، ومع ذلك أيضا أنه يريد قلبها ليزرعها من قابل فهو إن ترك زرع هذا فيها لم يقدر على أن يزرعها من قابل؛ لأن الأرض إذا لم تقلب عندنا لم يتنعم زرعها ولم يجد ولم يخاطر الزارع فيها إلا بزريعة علوفة البقر والدواب وعليه في ذلك أعظم المضرة.
قال: إذا ذهب إبان يزرع فيها مثل الزرع الذي هو فيها اليوم فليس له أن يقلعه ليزرع فيها بقلا ولا مقثاة، وليس له إلا الكراء.