يفوته فيها فإن الذي يفوته من ذلك يستوفيه في كرائها؛ لأن كراءها إنما يحسب على قدر ما حبسها عنه وما منعه من منفعتها، وعلى قدرها وكرمها فهو يستوفي جميع ذلك في الكراء.
قال محمد بن رشد: قوله إنه ليس له أن يقلع زرع الغاصب من أرضه بعد خروج إبان الزرع وإن كانت له في أرضه منفعة بقلعه من مقثاة يضعها أو بقل يزرعه هو ظاهر ما في المدونة وغيرها من أن زرع الغاصب لا يقلع بعد خروج إبان الحرث، والقياس أن يكون ذلك له إذا كان الأرض مما تصلح للمقاثي والبقل، وتبين أن رب الأرض لم يقصد إلى الإضرار بالغاصب بقلع زرعه، وأنه إنما رغب في الانتفاع بأرضه للمقثاة أو البقل، إذ قد تكون المنفعة بذلك أكثر من المنفعة بالزرع، وقد يدل على ذلك قول ابن الماجشون في المجموعة عن مالك، وقول المغيرة: إذا سنبل الزرع فلا يقلع؛ لأن قلعه من الفساد العام للناس، ويمنع من ذلك، كما يمنع من ذبح الفتايا مما فيه الحمولة من الإبل، والحرث من البقر، وذوات الدر من الغنم؛ لأن الزرع إذا كان يقلع عندهما ما لم يسنبل، ولا شك في أن إبان حرث الزرع ينقضي قبل أن يسنبل الزرع بكثير، فقد أوجبا قلع الزرع بعد خروج الإبان، وذلك لا يكون إلا لمنفعة تكون لصاحب الأرض في أرضه بقية العام من مقثاة يضعها فيها أو بقل أو ما أشبه ذلك، والله أعلم.