فلم يجبه بأكثر من أن قال:(إن) الغنم لا تشبه الدنانير، وليس ذلك بجواب مقنع، ولا فرق بين، إذ لم يبين المعنى الذي أزال الشبه بينهما؛ والفرق بينهما أن الدين يمنع من تنمية العين، إذ لصاحب الدين أن يقوم بدينه فيحجر على المديان التصرف في ماله، والغنم والزرع والحوائط لا يمنع التحجير على المديان فيها بالدين من نمائها؛ لأنها نامية بأنفسها، وأيضا فإن الله تبارك وتعالى قال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]- الآية، فكان هذا عاما فيمن عليه دين، وفيمن لم يكن عليه دين؛ لأن المال مال الذي هو له - وإن كان عليه دين، فخصص من ذلك العين بإجماع الصحابة؛ لأن عثمان بن عفان كان يصيح في الناس: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منها الزكاة بحضرتهم من غير نكير منهم لذلك، وبقي سائر الأموال من الماشية والحرث على الأصل في وجوب أخذ الزكاة منها، كان على صاحبها دين، أو لم يكن، فهذان وجهان بينان في وجوب إسقاط الدين زكاة العين دون زكاة الحرث والماشية، والحمد لله.
[مسألة: عليه دينا لا يرتجى قضاؤه لو باعه الساعة بعرض باعه بنصف ثمنه هل عليه زكاة]
مسألة قلت: أرأيت لو كان دينا لا يرتجى قضاؤه، وهو لو باعه الساعة بعرض، باعه بنصف ثمنه، أو ثلث ثمنه، هل يحسب ذلك أم لا يحسب؟ قال: إن كان يجزيه ذلك، حسب ذلك الذي يجده وتمام الدين فيما في يديه، وزكى ما بقي إن كان بقي ما تجب فيه الزكاة، قال سحنون: يزكي قيمة الدين ولا يزكي عدده - إذا كان صاحبه موسرا، وابن القاسم يقول: يزكي عدده.