للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكلت منه الهرة، وأمرتهن بذلك، لما سمعته من النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مثل فعل أبي قتادة في حديث الموطأ: " إذ أصغى لها الإناء حتى شربت، ثم توضأ بسؤرها ". وإلى هذا ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه في أن سؤر الهرة طاهر، إلا أن يوقن أنه كان في فيها أذى؛ خلافا لما ذهب إليه أبو حنيفة وغيره من أنه نجس، لما روي عن أبي هريرة من أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر، أن يغسل مرة أو مرتين» ، وهو حديث يوقفه بعض الرواة على أبي هريرة، ولم ير ذلك من ذهب إلى نصرة مذهب أبي حنيفة علة فيه، وضعف حديث أم داوود، لكونها غير معروفة عند أهل العلم بالحديث؛ وقال في حديث أبي قتادة: إنه ليس فيه طهارة سؤر الهرة إلا من فعل أبي قتادة؛ إذ قد يحتمل أن يكون أراد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنها ليست بنجس في كونها في البيوت ومماستها الثياب.

قال محمد بن رشد: أبو قتادة ألحن بمراد النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن بعده، ويحمل ما روي عنه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والله أعلم.

[مسألة: صلى بقوم فمرت به حية أو عقرب]

مسألة وسئل ابن القاسم عن إمام صلى بقوم فمرت به حية، أو عقرب، فيقتلهما أو يرمي طيرا بحجر فيقتله، أو يأخذ قوسا فيرمي به صيدا فيقتله- عامدا غير ناس؛ قال ابن القاسم: خلائه كان مالك قتل الحية والعقرب في الصلاة. قال ابن القاسم: فإن فعل ولم يكن في ذلك شغل عن الصلاة، فلا شيء عليه؛ وكذلك قتل الحية، والطير- يرميه- لا شيء عليه في ذلك، وقد أساء في رميه الطير، ولا يفسد ذلك صلاته إلا أن يطول ذلك، فإن رماه بحجر يتناوله من الأرض، فلا شيء عليه- ما لم يطل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>