قال محمد بن رشد: قد روي عن النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - من رواية أبي هريرة «أنه أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب» . وهو حديث حسن من جهة الإسناد، والمعنى في ذلك عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا أراداه. وكذلك قال في أول سماع عبد الملك - بعد هذا- إنه لا يقتلهما إلا أن يريداه، فإذا أراداه، جاز له أن يقتلهما ويتمادى على صلاته، إلا أن يطول ذلك ويكثر الشغل به، فيبتدئ صلاته، وأما إذا لم يريداه، فلا ينبغي له- عنده- أن يشتغل بقتلهما في صلاته، فإن فعل فقد أساء، ويبني على صلاته، إلا أن يطول ذلك فيبتدئ، ومن أهل العلم من أجاز له أن يقتلهما- وإن لم يريداه على ظاهر الحديث، وذلك فيما أمر بقتله من الحيات وهن ذوات الطفيتين، والأبتر، وما سوى حيات المدينة، وعمار البيوت من غيرهن- على الاختلاف في النهي عن قتل عوامر البيوت؛ هل ذلك خاص بالمدينة، أو عام فيها وفي سواها؟ فأما ما سوى الحية والعقرب: من صيد، أو طير، أو ذرة، أو نملة، أو بعوضة، أو قملة؛ فلا اختلاف في أن قتل شيء من ذلك في الصلاة مكروه لا ينبغي، فإن فعل، لم تبطل صلاته إلا بما كان من ذلك فيه شغل كثير، وقال في الرواية إنه إن أخذ القوس فرمى به الصيد، أو تناول الحجر من الأرض، فرمى به الطير، لم تفسد صلاته- إذا لم يطل، وذلك إذا كان جالسا- والحجر أو القوس إلى جنبه، فتناولهما ورمى بهما، وأما لو كان قائما، فتناول الحجر، أو القوس من الأرض، ورمى بهما، لكان بذلك