اختلاف في هذا؛ إذ ليس بموضع ضرورة، وقد مضى ذكر الاختلاف فيه في موضع الضرورة، في رسم الصبرة، من سماع يحيى، فتأمل ذلك هناك تجده فيه مستوفى، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال قتلني فلان فجاء المدعى عليه بالبينة أنه كان يوم ضرب ببلدة نائية]
مسألة وسئل عمن شهد له بدم على رجل أصابه عمدا، فجاء المشهود عليه بقوم يشهدون أن القاتل كان معهم يريد يوم قتل القتيل ببلدة نائية غير موضعه الذي قتل فيه، قال: وهذا مما وصفت لك في المسألة فوق هذا إذا حق الحق لأهله؛ فلا مخرج من شهادة الشهود إلا بجرحة، وقال أصبغ مثله، قيل: فرجل، قال: قتلني فلان فجاء المدعى عليه بالبينة أنه كان يوم ضرب هذا معهم ببلدة نائية غير موضعه الذي ضرب فيه، قال: يبرئه ذلك ويخرجه؛ لأنه خرج من حد الشهادة، وصار في حد الدعوى إلا أنها دعوى إن لم ترد حلف معها الولاة وقتلوه.
قال محمد بن رشد: أما الذي شهد له بدم عمد، فجاء المشهود عليه بشهود يشهدون أنه كان ذلك اليوم ببلد كذا ناء عن الموضع الذي قتل فيه، فالمشهور في المذهب ما قاله سحنون من أن الشهادة عامة على المشهود عليه بالدم لا يبطلها عنه شهادة من شهد أنه كان ذلك اليوم في غير ذلك البلد، وقد ذهب إسماعيل وغيره إلى أن الشهادة بذلك ساقطة، وهو قول محمد بن عبد الحكم، قال في آداب القضاة: الذي كنت أسمع فيما كنا نتناظر فيه مع أصحابنا أن شاهدين لو شهدا على رجل أنه أقر عندهم بعرفات يوم عرفات من هذا العام بمائة دينار لفلان، وشهد آخران أنه كان عندهم بمصر في ذلك اليوم بعينه، أن شهادة الذين شهدوا عليه بالمائة أحق وأولى، وقالوا: لأن هذين شهدا بحق، ولم يشهد الآخران بحق،