التفرقة، قاله ابن القاسم في العشرة، يريد وترجع عليه هو النفقة إذا بلغ حد التفرقة إلى أن يبلغ، وفي جواز هذا البيع اختلاف: أجازه هنا وفي كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة، قال في العشرة استحسانا لئلا يترك الصبي بغير نفقة فيهلك أو يمنع سيد الأمة من البيع فيضر به، قال: فإن مات الصبي لم يجب للبائع على المشتري شيء؛ لأنه لم يرد بذلك إلا كفاية المئونة لا التزيد في الثمن، وقال سحنون: لا يجوز البيع إلا عند الضرورة من فلس أو شبه ذلك، وقيل: إن البيع لا يجوز بحال؛ لأنه غرر، إذ لا يدرى هل يعيش الصبي إلى حد التفرقة أو يموت قبل ذلك، وقيل: البيع جائز، وإن مات الولد قبل الإثغار رجع البائع على المبتاع بقدر ذلك من قيمة الأم، وهو الذي يأتي على ما في رسم البراءة من سماع عيسى من كتاب جامع البيوع، ولو اشترط أن تكون النفقة مضمونة على المبتاع إلى حد الإثغار إن مات الولد قبل ذلك لجاز البيع باتفاق، والله أعلم.
وقد اختلف في التفرقة فروى ابن غانم عن مالك أن حدها الاحتلام في الرجال والمحيض في النساء، وقال ابن عبد الحكم وغيره لا يفرق بينهما أبدا، وإن ضرب على لحيته على ظاهر قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا توله والدة على ولدها ولا يفرق بين الوالدة وولدها» ، واختلف أيضا في التفرقة هل هي من حق الأم أو من حق الولد؟ فذهب ابن القاسم أن ذلك من حق الولد، فلا يفرق بينهما وإن رضيت الأم بالتفرقة، وهو معنى ما في المدونة وقول ابن نافع على ظاهر الآثار في النهي عن التفرقة مجملا، وقال ابن عبد الحكم في كتابه: إن التفرقة بينهما جائزة إذا رضيت الأم، وهو قول أشهب وروايته عن مالك في رسم الوصايا، وقد قيل: إن ذلك دليل ما في كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة، فانظر في ذلك وتدبره وبالله التوفيق.
[الخروج إلى أرض الشرك في البر والبحر للتجارة]
ومن كتاب اغتسل على غير نية وسئل مالك عن الخروج إلى أرض الشرك في البر والبحر