ومن كتاب أوله العرية قال عيسى: وقال ابن القاسم: لا أرى لحكم المسلمين أن يمنع النصارى واليهود من الوصايا في أموالهم، وإن أحاطت الوصايا بأموالهم ويتركون على شرائعهم، وإن تحاكموا إلى المسلمين، ورضي الخصمان وقساوستهم حكم بينهم بحكم الإسلام، ولم يجز وصاياهم إلا في الثلث، وكذلك مواريثهم، وكذلك كل شيء رضي به النصارى فيما بينهم بحكم الإسلام، فلا يكون ذلك، ولا يحكم بينهم إلا برضا من أساقفتهم، فإن كره أساقفتهم ذلك، فلا يحكم المسلمون بينهم، وإن رضي أساقفتهم بحكم الإسلام، وأبى ذلك الخصمان أو أحدهما لم يحكم المسلمون عليهم، وسئل عنها سحنون، وقيل له: النصراني أله أن يوصي بجميع ماله؟ فقال: ذلك يختلف، أما إذا كان من أهل العنوة، فليس ذلك له؛ لأن ورثته المسلمون إذا مات، فليس له أن يفر بميراثه وماله؛ لأنه من أهل العنوة، ومن كان أيضا من أهل الصلح ممن عليه الجزية على جمجمته، وكل واحد إنما عليه شيء يؤديه عن نفسه ليس يؤخذ غنيهم بمعدمهم، فإن ذلك أيضا ليس له أن يوصي بجميع ماله، وليس له أن يوصي إلا بثلثه إذا كان لا وارث له من أهل دينه؛ لأن ورثته المسلمون، وأما إذا كان من أهل الصلح صالحوا على أن عليهم وظيفة معلومة من الخراج، ليس ينقصون منه أبدا لموت من مات منهم، أو عدم من أعدم منهم، وبعضهم مأخوذ ببعض، فليس يعرض لهم في وصاياهم، وليس لنا أموالهم إن مات منهم أحد ولا وراث له، وكان لأهل خراجه يتقوون به في خراجهم؛ لأنهم هم المأخوذون بخراجه، وبعضهم قوة لبعض في الخراج.