حرم الثمن على البائع ووجبت عليه الصدقة به، وهو شذوذ من القول لا يوجبه القياس. وفرق غيره من أصحاب مالك بينهما. فأما بيع العنب ممن يعصره خمرا، وبيع العصير ممن يخمره، وبيع الزفت ممن يجعله في أواني الخمر فلا يجوز لفاعله، وهو آثم في فعله، ويتخرج في الحكم فيها على مذاهبهم إذا وقعت ثلاثة أقوال: أحدها أن البيع لا يفسخ إذا وقع، إذ لا فساد فيه في ثمن ولا مثمون، ويمنع المبتاع من عصر العنب وتخمير العصير إن كان مسلما، ويباع ذلك عليه إن كان نصرانيا؛ والثاني أن البيع يفسخ ما لم يفت، وإن فات مضى [بالثمن] ؛ والثالث أن البيع يفسخ ما لم يفت، وإن فات رد إلى القيمة، إلا أن يفوت عند المبتاع بالعصر على ما باعه عليه البائع فلا يرد إليه ما زاد الثمن على القيمة ويتصدق بذلك، فإذا مضى البيع بالثمن كان على البائع أن يتصدق من الثمن بما ازداد فيه من أجل بيعه على أن يعصر.
وأما كراء الدابة ممن يركبها إلى الكنيسة وبيع الكبش ممن يذبحه لعيده وكفره فاختلف في ذلك قول مالك: مرة أجازه، ومرة كرهه. وقع اختلاف قوله في ذلك في سماع سحنون من كتاب السلطان. وقد ذكرنا هناك وجه اختلاف قول مالك في ذلك. فعلى القول بأنه كرهه يدخل في ذلك من الاختلاف ما ذكرناه في الذي يبيع العنب ممن يعصره خمرا. وحكم بيع الطوب لبنيان الكنائس أو الزيت لوقيدها أو المرعاة للخنازير حكم الذي يبيع شاته لتذبح في أعياد النصارى. وقد تقدم ذكر ذلك، وبالله التوفيق.
[اكتراء القيساريات المغصوبة أو المبنية بمال حرام والتجارة فيها]
في اكتراء القيساريات المغصوبة أو المبنية بمال حرام والتجارة فيها وسئل أصبغ عن اكتراء القيساريات والحوانيت المغصوبة