إلا للاعتبار والبكاء وحدثني عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم» .
قال محمد بن رشد: هؤلاء القوم المعذبون هم ثمود قوم صالح أصحاب الحجر الذين كذبوه وعقروا الناقة التي أخرجها الله من- الصخرة آية إذ قال له قومه:{إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ}[الشعراء: ١٥٣]{مَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الشعراء: ١٥٤] ، قالوا له على ما في التفسير: إن كنت صادقا فأخرج لنا من هذه الصخرة ناقة، فتصدعت الصخرة فخرجت منها ناقة عشراء فنتجت فصيلا فقال لهم:{هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الشعراء: ١٥٥]{وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ}[الشعراء: ١٥٦] أي بعقر {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الشعراء: ١٥٦]{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ}[الشعراء: ١٥٧]{فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ}[الشعراء: ١٥٨] وقال عز وجل: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}[الشمس: ١١] أي بطغيانها {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا}[الشمس: ١٢]{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس: ١٣]{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ}[الشمس: ١٤] أي أهلكهم {بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا}[الشمس: ١٤] أي بالعقوبة {وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا}[الشمس: ١٥] قيل معناه فلم يخف الذي عقر الناقة العقبى من الله في ذلك، وقيل معناه فلا يخاف الله أن يتبع بذلك مثل قوله:{ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}[الإسراء: ٦٩] ولما مر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحجر ثمود في غزوة تبوك أمر أصحابه ألا يتوضئوا من بئر ثمود ولا يعجنوا خبزا بمائها ولا يستعملوا شيئا منها، فقيل له: إن قوما عجنوا خبزا من ذلك الماء فأمر