كتاب الوديعة من سماع ابن القاسم من مالك قال سحنون: أخبرني ابن القاسم، عن مالك: فيمن استودع وديعة فدفنها في أهله وأشهد عليها، أو خلفها عند أهله أو استودعها بعض إخوانه فهلكت، قال: لا ضمان عليه في شيء من ذلك.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة ليست على ظاهرها، وفيها تقديم وتأخير، وتقديرها، قال ابن القاسم عن مالك فيمن استودع وديعة فدفنها في أهله أو خلفها عند أهله أو استودعها بعض إخوانه وأشهد عليها فهلكت، قال: لا ضمان عليه في شيء من ذلك، وإنما وجب أن يقدر هذا التقدير؛ لأن من أودع وديعة فدفنها في بيته أو خلفها عند أهله لا يجب عليه الإشهاد على ذلك، إذ هو مصدق في ذلك، قاله في المدونة وغيرها، وإنما يجب عليه الإشهاد إذا استودعها غيره لحاجة دعته إلى ذلك من إرادته سفرا أو خراب منزله أو ما أشبه ذلك من الوجوه التي يعذر بها، فمعنى قوله في الرواية: أو استودعها بعض إخوانه، يريد: عند سفره أو خراب منزله مع أن يعلم ذلك، فإذا أودع الرجل وديعة فأودعها غيره فتلفت عنده، فهو ضامن لها إلا أن تكون له بينة إيداعها، ويعلم السبب الذي من أجله أودعها، إذ لا يصدق في شيء من ذلك دون أن يبينه، وإذا علم السبب صدق في أنه إنما أودع من أجله، وكان القول في ذلك قوله.