ومن كتاب العتق وسئل عن الرجل يرتهن الرهن، على من ترى كراء موضعه؟ قال: أما ما يحوزه المرتهن في منزله، مثل الرأس والثوب وما أشبه مما لا يكون في مثله مؤونة فلا كراء فيه لأن هذا يرتهنه الرجل ويحوزه معه في منزله، وعلى هذا أمر الناس، وأما إن كان الشيء له قدر وبال، مثل الشيء يخزنه وما أشبهه، فكراؤه على صاحبه؛ لأن هذا من النفقة، ونفقة الرهن على صاحبه.
قال الإمام القاضي: أما الشيء الكثير مثل الطعام يختزن، أو المتاع أو العدد من العبيد الذين يحتاجون إلى مسكن يكونون فيه، فلا اختلاف ولا إشكال في أن الكراء في ذلك كله على الراهن، كما قال. وأما مثل الرأس وشبهه الذي يحوزه الرجل في منزله ولا يشغل له مكانا لكرائه، قدر وقيمة. فقال في هذه الرواية: إنه لا كراء للمرتهن في ذلك. وقال الشيوخ: إن هذا معارض لقول ابن القاسم في المدونة: إن للحاضنة على الأب السكنى مع النفقة والكسوة، يريد على عدد الجماجم، مثل قول ابن وهب في الدمياطية وأحد قولي ابن القاسم فيها: إنه لا سكنى لها ولا خدمة والاختلاف في هذا عندي جار على اختلافهم في الحضانة، هل هي من حق الحاضن، أو من حق المحضون؟ فمن رآها من حق الحاضن، لم يوجب نفقة ولا سكنى؛ إذ لا يستقيم أن يكون من حقه أن يكفله ويؤويه إلى نفسه ويجب له بذلك حق، ومن رآها من حق المحضون، أوجب له السكنى والنفقة، أجرة لحضانته فيجب على قياس هذا الذي قلناه أنه إن كان المرتهن اشترط كون العبد الرهن بيده فأخذه لحقه وحازه في بيته أن لا يكون له كراء إن طلبه، وإن كان لم يشترط كونه بيده فدفعه إليه الراهن بطوعه، ليحوزه لنفسه في بيته أن يكون له الكراء إن طلبه. وبالله التوفيق.