وجذاذ النخل بجزء منه، وقوله في رسم إن خرجت قبل هذا، في مسألة شجرة التين. وإنما جاز بناء العرصة بجزء منها، ولم يجز نسج الغزل بجزء منه، ولا دبغ الجلود بجزء منها من أجل أنه لا يعرف وجه خروج الثوب من النسج، ولا وجه خروج الجلود من الدباغ والبناء إن لم يخرج على ما وصفاه، يقدر على إعادته حتى يخرج على الصفة.
والأصل في هذه المسألة أن كل ما يجوز من العمل اشتراطه على البائع في الشيء المبيع، يجوز الاستئجار عليه بالجزء منه، وذلك جائز عند ابن القاسم فيما يعرف وجه خروجه، وفيما لا يعرف وجه خروجه مما يمكن إعادته للعمل إن خرج على غير الصفة. وسحنون لا يجيز ذلك على حال، فيأتي على مذهبه أن الاستئجار على بناء العرصة بالجزء منها لا يجوز، وهو الذي يأتي على قول مالك في أول سماع أشهب، في مسألة الذي يقول للرجل: اعمل لي بناء في هذا التراب بيني وبينك، وقد تقدم القول عليها هناك، وبالله التوفيق.
[مسألة: لم موضع دابة رجل ضالة فيقول اجعل لي فيها كذا وكذا وآتيك بها]
ومن كتاب العشور قال عيسى: سئل ابن القاسم عن الرجل يعلم موضع دابة رجل ضالة، فيقول: اجعل لي فيها كذا وكذا وآتيك بها، ولم يخبره علمه بمكانها، فجعل له جعلا فأخبره قال: لا ينبغي ذلك، وإنما ذلك في المجهول، ولا أراه يثبت له هذا الجعل، ولا ينبغي له أن يكتمه موضعها، وأرى أن يعطى قيمة عنائه إلى ذلك الموضع إن جاء بها، ولا جعل له.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن طلب الآبق مجهول، فلا يجوز الجعل فيه إلا مع استوائهما في الجهل بموضعه، ومتى علم أحدهما موضعه، وجهل الآخر، كان العالم منهما قد غر صاحبه، كالصبرة لا يجوز