قال محمد بن رشد: حكم دخان لحوم الميتة حكم رمادها؛ لأنه جسمها استحال إلى الدخان بالنار، كما استحال به إلى الرماد؛ والاختلاف في طهارة ذلك، جار على الاختلاف في طهارة جلد الميتة المدبوغ؛ لأنه استحال بالدباغ عن صفة الميت الذي يتغير بالبقاء إلى صفة المتاع الذي لا يتغير به؛ ولذلك كره أن يتبخر بها إذا كان دخانها يعلق بالثياب؛ لأنه جسم الميتة المستحيل بالنار، والأظهر فيه من طريق القياس الطهارة؛ لأن الجسم الواحد تتغير أحكامه بتغيير صفاته، ألا ترى أن العصير طاهر، فإذا تغير إلى صفة الخمر، حرم ونجس؛ ثم إذا تغير إلى صفة الخل، حل وطهر؟ وهذا بين، وأما إجازته التبخير بلحوم السباع- إذا كانت ذكية، فهو مثل ما في المدونة من إجازة ذكاتها لجلودها. وفي ذلك اختلاف، وقد قال في سماع أشهب من كتاب الضحايا: إن الذكاة لا تعمل إلا فيما يؤكل لحمه.
[مسألة: المسافر يؤم المسافرين والمقيمين فيصلي بهم ركعة فيحدث]
مسألة وسئل ابن القاسم عن المسافر يؤم المسافرين والمقيمين، فيصلي بهم ركعة، فيحدث فيقدم مقيما فيتمادى بهم ويصلي أربعا، قال: صلاة الإمام تامة، ومن خلفه من المقيمين والمسافرين يعيدون في الوقت وبعده؛ لأنه لا يكون في صلاة واحدة إمامان، وإنما ينبغي للإمام المقيم، أن يتم الصلاة صلاة المسافر، ويقضي ما بقي عليه، ولا يكون فيه إماما.
قال محمد بن رشد: تعليله لإيجاب الإعادة أبدا على المقيمين والمسافرين جميعا، بأنه لا يكون في صلاة واحدة إمامان ليس ببين، وإنما العلة في إيجاب الإعادة على المسافرين أبدا، أنهم أتموا على خلاف ما أحرموا عليه من نية التقصير، وقد مضى في رسم "إن خرجت" من سماع عيسى، أنه