الحق فلأنه لا حنث عليه لأنه قد كذبهما في يمينه، وسيأتي هذا المعنى في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى والقول فيه إن شاء الله.
[مسألة: قال لرجل جاء يستسلفه سلفا فقال ما عندي]
مسألة وحدثني عن ابن كنانة أن مالكا سئل عن رجل قال لرجل: جاء يستسلفه سلفا، فقال: ما عندي، قال الرجل: امرأتي طالق إن كان لك مني بد، فأعطاه الذي سأله من السلف، وقال: هذا أنا قد أعطيتك، ولكن انظر أنت في يمينك، فاختلف فيها أهل المدونة واضطربوا فيها اضطرابا شديدا، فسئل عنها مالك وأتى بها صاحبها إليه، فقال: ألم يأخذها على وزن صاحبه الذي سأله؟ قال: نعم، قال: لا أرى عليه حنثا إذا أراد وجه السلف، واحتج في ذلك وقال: إن منعه حنث، وإن أعطاه حنث، لا أرى عليه شيئا، وكأنه لم يره من وجه ما حلف عليه.
قال محمد بن رشد: إنما اضطرب في هذه المسألة أهل المدونة؛ لأن قوله إن كان لك مني بد لفظ يحتمل أن يراد به إن كان لك محيص عن أن تسلفني ما سألتك إياه من السلف، فمن حمل يمينه على هذا رآه حانثا وإن أسلفه؛ لأنه قد كان له محيص عن أن يسلفه، ويحتمل أن يراد به لألزمنك حتى تسلفني ما سألتك إياه من السلف شئت أو أبيت، وعلى هذا حمل مالك يمينه، فلذلك قال: إنه لا حنث عليه إذا أخذ السلف منه