يرفعه إلى من فوقه؟ قال: نعم العفو فيه جائز؛ لأن ذلك السلطان شاهد وهو كغيره من الشهداء.
قال محمد بن رشد: قوله: إن السلطان إذا سمع الرجل يفتري على رجل أو رآه على حد من الحدود: إنه يرفعه إلى من فوقه ويكون شاهدا، هو مثل ما في المدونة وغيرها، ولا اختلاف في ذلك، إذ لا يقضي القاضي بعلمه لا في الأموال ولا في الحدود، وفرق أهل العراق بين الأموال والحدود، فقالوا: ينفذ الإقرار في ولايته ولا ينفذ الحدود. والإقرار ينقسم على ثلاثة أقسام، فما كان منه قبل ولايته لا يقضي به عند الجميع، وما كان منه في ولايته في غير مجلس الحكم يقضي به عند أهل العراق، وما كان منه في مجلس الحكم بين المتخاصمين يقضي به عند مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون، وهو دليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بما أسمع منه» ، خلاف مذهب مالك وابن القاسم، وقوله في الرواية: إن العفو يجوز في القذف إذا سمعه الإمام لأنه شاهد، هو مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، وقد مضى الاختلاف في ذلك في أول سماع أشهب فلا معنى لإعادته.
[مسألة: افترى على قوم فلم يقم به حتى أخذ في شرب خمر فجلد الحد]
مسألة وسئل عن رجل افترى على قوم فلم يقم به حتى أخذ في شرب خمر فجلد الحد، قال: إذا جلد الحد في الخمر فقد سقطت عنه كل فرية كانت قبله.
قال محمد بن رشد: هذا مذهبه في المدونة وروايته عن مالك؛ لأنه قال فيها: إنه إذا قذف وسكر أو شرب الخمر ولم يسكر جلد حدا واحدا، فرأى أن حد الشرب والفرية يتداخلان فينوب أحدهما على الآخر؛ لأنهما من جنس واحد، بدليل أن حد الشرب إنما أخذ من حد الفرية بقول علي بن أبي