طالب لبعض الصحابة: إذ استشار عمر بن الخطاب في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى، أو كما قال، وجلد عمر بن الخطاب في الخمر ثمانين، وكذلك إذا قذف الرجل جماعة مفترقين أو مجتمعين فحد لهم أو لأحدهم فذلك لكل قذف تقدم قام طالبوه أو لم يقوموا في مذهب مالك وجميع أصحابه إلا المغيرة - فإنه قال: إن قاموا جميعا فحد فذلك حد لهم أجمعين، وإن قاموا مفترقين حد لكل واحد منهم، وقول المغيرة هو القياس؛ لأنهم قد قالوا: إن القتل يأتي على جميع الحدود إلا الفرية فإنه يجلد فيها ثم يقتل، لما في ذلك من حق المقذوف؛ لأنه تعرض له بذلك فيقال له: إنك كذلك إذ لم تحده، فإذا لم يسقط حد المقذوف بالقتل فأحرى ألا يسقط بحده في الشرب أو بحده لغيره، والحجة لمالك في أنه ليس على قاذف الجماعة إلا حد واحد، أن قاذف المحصنة قاذف للذي زناها، وقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}[النور: ٤] الآية، فلم يوجب على قاذف المحصنة إلا حدا واحدا، وقد جلد عمر أبا بكرة وأصحابه حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة، وسواء على مذهب مالك وأصحابه قذف الجماعة في كلمة واحدة أو مفترقين، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال الشافعي: يحد لكل واحد منهم قذفهم في كلمة واحدة أو مفترقين، وفرق ابن أبي ليلى بين أن يقذفهم في كلمة واحدة أو في مجالس شتى، وقال ابن المواز: ومن قال لجماعة أحدكم زان أو يا ابن زانية فلا يحد إذ لا يعرف من أراد، وإن قام به جماعتهم فقد قيل لا حد عليه، ولو قام به أحدهم فادعى أنه أراده لم يقبل منه إلا بالبيان أنه أراده، ولو عرف من أراد لم يكن للإمام أن يحده له إلا بقيامه عليه، قال: ومن قذف من لا يعرف فلا حد عليه، وقول ابن المواز في الذي قال لجماعة أحدكم زان إلى آخر قوله بين