وهذا على الاختلاف في وجوب الإشهاد عليه بالثمن، وإن لم يدفع السلعة، فإن نكل السفيه عن اليمين مع الشاهد في الموضع الذي يحلف فيه معه حلف المطلوب وبرئ، ولم يكن للسفيه أن يحلف إذا رشد كالكبير المالك لأمر نفسه، وقال ابن كنانة: إن نكل عن اليمين حلف المطلوب، وبرئ إلى أن يرشد السفيه، فيحلف ويستحق حقه كالصغير، وبه قال مطرف، وهو أظهر من قول ابن القاسم، وأما الصغير فلا يحلف مع شاهده، ويؤخر عنه اليمين إلى أن يبلغ بعد أن يحلف المطلوب، ولا يحلف مع شاهده، ولا الولي عنه، وقد روي عن مالك أنه يحلف مع شاهده، وهو بعيد شاذ، وعن ابن كنانة أن الأب يحلف عنه. وهذا كله فيما لم يل وليه المعاملة فيه، وأما ما ولي المعاملة فيه فيحلف؛ لأنه إن نكل غرم بما صنع من الإشهاد، وأما العبد المأذون له في التجارة والنصراني، فهما كالكبير كما قال: يحلفان في حقوقهما يريد مع شاهدهما، وفي الحقوق تقع عليهما يريد بالدعوى، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهد عليه رجلان بجرحة فقالا رأيناه سكران]
مسألة قال: وسمعت ابن القاسم يقول فيمن شهد عليه رجلان بجرحة فقالا: رأيناه سكران، أو رأيناه يسرق؛ فجرحاه بذلك في شهادة شهداها أنه يقام عليه الحد إذا قطعا عند الحاكم بمعاينة، فهو علم ودياه يومئذ، فهي شهادة يؤديانها، ولا يضرهما تركهما قبل ذلك؛ لأن ذلك ستر سترا به عليه.
قال محمد بن رشد: في المدنية لمالك من رواية محمد بن صدقة، مثل رواية أصبغ هذه: إنه يقام عليه الحد، وقال عيسى عن ابن القاسم: لا أرى أن يقطع ولا يحد، وقال عيسى: أحب إلي أن يقطع ويحد، وهو الذي يوجبه النظر للعلة التي ذكرها من أن الشاهد لا يضره ترك القيام بشهادته على السارق والزاني؛ لما أمر به من الستر، وبالله التوفيق.