ومن كتاب الأقضية الثالث وسئل عن رجل بعث إلى رجل بطعام يقسمه، فقسمه، ثم أقام بعد ذلك سنين، ثم مات وأوصى بدراهم وغير ذلك، ولم يذكر الطعام، ثم قدم الباعث وكان غائبا، فأراد من ورثته تفسير ذلك القمح وقسمته، وهل قسمه أم لا؟ هل ترى ذلك يلزم الورثة؟ فقال: لا يلزمهم شيء، قيل له: أترى أن يستحلفوا؟ فقال: ما أرى ذلك عليهم. سمعت السائل يقرأ عليه المسألة، وسمعت من مالك الجواب، ولم أفهم كل ما قرأ عليه في المسألة، فأخبرني أصحابنا بما قرئ هذا عليه، وأما الجواب فقد سمعته من مالك، ورأيت السائل يقرأ عليه الكتاب.
محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا يلزم الورثة إقامة البينة على أنه قد قسم الطعام الذي بعث إليه ليقسمه، كأنه إنما كانت تجب عليه اليمين لقد قسمه، فقد سقطت لموته. وأما الورثة فاستحلافهم بالتهمة أمر مختلف فيه، فجوابه على القول بأن اليمين لا تحلف بالتهمة. ولو حقق الباعث للطعام الدعوى على الورثة بأنهم يعلمون أنه لم يقسم الطعام، للحقت اليمين من كان منهم مالكا لأمر نفسه قولا واحدا. وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى لعبده بوصية فيشهد عليه ابناه وله ورثة سواهما]
مسألة وسئل عن رجل أوصى لعبده بوصية فيشهد عليه ابناه وله ورثة سواهما، فقال: شهادتهما له جائزة.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، إذ لا تهمة عليهما في شهادتهما للعبد بالمال؛ لأنه عبد لجميعهم، ولا تعلق في المال الذي أوصى له به، فيتهم الشاهدان على إنفرادهما بولاية دون من سواهما ممن لا يرث