يدخلها في الإناء، دل على أن الاختيار عنده في الوضوء أن يدخل يده الواحدة في الإناء فيفرغ بها على الأخرى ويتوضأ، ولا يدخل يديه جميعا في الإناء، فيغرف بهما لوجهه ولسائر أعضاء وضوئه مثل ظاهر قوله في أول رسم "نَقَدَهَا نَقْدَها" من هذا السماع خلاف اختيار مالك، وقد بينا ذلك هناك، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل ينسى شيئا من وضوئه فيذكر ذلك بحضرة الماء ولم يجف وضوؤه]
مسألة قال مالك: إذا نسي الرجل شيئا من وضوئه، فذكر ذلك بحضرة الماء ولم يجف وضوؤه، غسل ذلك الشيء بعينه وأعاد ما بعده، وإذا ذكر ذلك، وقد تطاول ذلك أو جف وضوؤه غسل ذلك بعينه، واستأنف ما صلى إن كان ما نسي من الوضوء من وضوء الكتاب الذي ذكر الله في كتابه.
قال محمد بن رشد: قوله: إذا ذكر ذلك بحضرة الوضوء غسل ذلك الشيء بعينه وأعاد ما بعده، ولم يفرق ما بين أن يكون نسي من مسنون الوضوء أو مفروضه، يدل على أن ترتيب المفروض مع المسنون عنده سنة، كترتيب المفروض مع المفروض، خلاف قول مالك في موطاه؛ لأنه قال فيه فيمن غسل وجهه قبل أن يمضمض: إنه يمضمض ولا يعيد غسل وجهه، فجعل ترتيب المفروض مع المسنون مستحبا.
وقوله في آخر المسألة: إن كان ما نسي من الوضوء من وضوء الكتاب الذي ذكره الله في كتابه، إنما يعود على قوله، واستأنف ما صلى؛ لأنه إن كان الذي نسي من مسنون الوضوء فذكر بعد أن صلى لم يكن عليه إعادة ما صلى، وإنما يفعل ما نسي لما يستقبل، وما في الموطأ أظهر، فقد قال بعض العلماء: إنما قدمت المضمضة والاستنشاق والاستنثار في أول الوضوء على غسل الوجه وسائره، لما يتضمن ذلك من اختبار طهارة الماء؛ لأنه يخبر طعمه بالمضمضة، وريحه بالاستنشاق، فإذا كان تقديم المضمضة على غسل الوجه لهذه العلة، ولم يكن ذلك عبادة