ما سواه عند من يكره تحبيسه أن ما عدى العقار لم يأت فيه عمل يرده على العقب، فوجب رجوعه إليه بانقراض المحبس عليهم أو كونه لآِخر العقب ملكا ومن أجازه قاسه على العقار، وبالله التوفيق.
فهذا وجه القول في هذه المسألة، وقد رأيتُ لابن دحون فيها كلاما غير محصل، قال: أجاز مالك في الحيوان خاصة أن يبيع للآخر منهم إن بتله له إذا حبسه على أهل بيت أو على قوم مفترقين مجهولين، فإن كانوا معلومين رجع نصيب من مات منهم إلى الذي حبس ذلك، وقيل عنه يرجع إلى أصحابه، وذلك غير صحيح؛ إذ لا فرق بين الحيوان وغيره في أن الآخر منهم له أن يبيع ما حبس عليهم إذا بُتل له، وبالله التوفيق.
[مسألة: حبس حبسا صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث على نفر ما عاشوا]
مسألة قال ابن القاسم وسمعت مالك قال: من حبس حبسا صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث على نفر ما عاشوا، ثم هلك الذين حبس عليهم وانقرضوا قال: يَرْجِعُ إلى عَصَبَةِ المحبس ويدخل معهم النساء في السكنى إن كان سكنى أو في الغلة إن كانت غلة، قال ابن القاسم: يريد البنات والأخوات والأمهات والجدات والعمات ولا يدخل في ذلك الزوجات ويبدأ بالأقرب فالأقرب في ذلك.
قال محمد بن رشد: قولُه من حبس حبسا صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث على نفر ما عاشوا ثم هلك الذين حبس عليهم وانقرضوا: إن ذلك يرجع بمرجع الأحباس إلى عصبة المحبِّس، يريد ولا ترجع إلى المحبس ملكا مطلقا، هو نص قول مالك في المدونة، وحكى ابنُ القاسم عنه فيها أن قوله لَمْ يختلف فيه، وليس ذلك بصحيح، قد روى ابنُ عبد الحكم عن مالك في كتابه أنه ترجع إليه ملكا مطلقا بعد موت المحبس عليه وإن قال حبسا صدقة إذا كان على معين، وهو قولُ ابن وهب في رسم الوصايا والأقضية من