فقال: قول أشهب فيها أحسن، وهو ألا يجوز بيعها إلا بعد معرفتها بقيتها، فإذا كانت حاضرة ارتفع الاعتراض، ولم يكن في جواز شرائه إياها من صاحبها كلام؛ إذا كان حينئذ ممن تأخذه الأحكام، وعلى هذا تحمل مسألة المدونة، وكذلك إذا باعها صاحبها من غير الغاصب، وهي في يد الغاصب، إن كان ممن له السلطان، ويقدر على الامتناع، فلا يجوز البيع بإجماع؛ لأنه غرر، كالعبد الآبق والجمل الشارد؛ إذ لا يدري مشتريه متى يصل إليه؟ وهو نص قول مالك في رواية زياد عنه. قال: من ابتاع عبدا أو قرية في يد إمام ظالم، من صاحب الأصل، لم يجز ذلك البيع، وكان مردودا؛ لأنه غرر، قال مالك: فإن فات مضى بالقيمة، وأما إن كان ممن تأخذه الأحكام، ولا يقدر على الامتناع، وهو غائب أو حاضر، منكر للغصب، ففي ذلك في الحاضر المنكر قولان؛ أحدهما وهو المشهور في المذهب: أن ذلك لا يجوز؛ لأن شراء ما فيه خصومة غرر. والثاني: أن ذلك جائز، وهو قول ابن القاسم في الشهادات من المدونة، وفي الغائب ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن ذلك لا يجوز. والثاني: أن ذلك جائز. والثالث: الفرق بين أن يكون على الغصب بينة أو لا يكون، وقد قيل: إن الخلاف إنما هو إذا كان على الغصب شهود، وأما إذا لم يكن عليه شهود، فلا يجوز قولا واحدا، ومن هذا المعنى شراء الدين على الحاضر المنكر؛ إذا كانت عليه بينة، أو على الغائب.
وقد مضى تحصيل القول فيه في نوازل أصبغ من كتاب الجامع البيوع، وبالله التوفيق.
[مسألة: يشهدون للرجل أن فلانا غصبه أرضا له ولا يعرفون موضع الأرض]
مسألة وسألته عن البينة تشهد للرجل أن فلانا غصبه أرضا له في قرية تسمى فلانة، ولا يعرفون موضع الأرض منها، غير أنهم يشهدون أنه غصبه فيها أرضا، والغاصب منكر لما شهد به عليه. قال ابن القاسم: شهادتهم باطل، ولا شهادة لهم؛ لأنهم لا يشهدون على