ابن حبيب في الواضحة عن ابن الماجشون، وحكي عن أصبغ أنه لا يمنع إلا أن يبطل عليه بذلك رحاه أو يمنعه من جل منفعتها، قال: لأن الانتفاع بالأنهار وحوز منافعها ليس بحق ثابت كحق ذي الخطة إذا بنى عليه في فنائه ما يضر به، وإنما هو كالموات، فإذا كان إن أنشأ الثاني رحاه انتفعا جميعا فلا يمنع، وإن أضر بالأول إلا أن يبطلها أو يذهب بجُل منفعتها، واحتج على ذلك بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سيل مهزور ومذينب «يمسك الأعلى حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل على الأسفل» فقال: ألا ترى لو أراد رجل أن ينشئ في حقه حائطا فوق حائط صاحبه لم يكن لصاحبه الأسفل حجة في أن يقول له لا تنشئ في حقك حائطا فوق حائطي لأنك إذا فعلت ذلك استأثرت بالماء علي حتى تسقي به حائطك فلا يأتيني منه إلا ما يفضل عنك، أو لعله لا يفضل عنك [منه] شيء لقلة الماء، هذا معنى قوله دون لفظه، ولا يلزم ابن القاسم ما احتج به عليه أصبغ من الحديث لأنه يخالفه في تأويله، ومعناه عنده إذا أنشأ الأعلى حائطه قبل الأسفل أو أنشأ حائطيهما معا، وأما إذا أنشأ الأسفل حائطه قبل الأعلى فلا يبدأ عنده الأعلى بالسقي عليه إلا أن يكون فيما يفضل عنه ما يكفي الأسفل، وذلك ظاهر من قوله في [أول] سماع أصبغ بعد هذا على ما سنبينه هناك إن شاء الله، وبه التوفيق.
[مسألة: إن تشاحا فليس لكل رجل إلا نصف النهر]
مسألة قلت: أرأيت إن كان بعدوتي نهر موضع رحيين والعدوة الواحدة لرجل والأخرى لآخر، وهما متقاربتان إن عمل المنصب الذي بهذه العدوة فنفذ سده إلى العدوة الأخرى أبطل منصب