بأصل الحق، مدعيا لقضاء الخمسمائة لما مكن الطالب من أن يحلف على الألف، ويستحقها إلا بعد أن ينكل المطلوب عن اليمين مع الشاهد الذي يشهد له بقضاء الخمسمائة، ولو كان أحدا متماديا على إنكاره أولا لأصل الحق وتكذيب الشاهدين؛ لما مكن من اليمين مع الشاهد بأنه قضاه خمسمائة لتكذيبه إياه، وهذا كله بين، والحمد لله.
[مسألة: هل تجوز شهادة بعضهم لبعض فيما تقاضى من الكراء]
مسألة قيل لسحنون: أرأيت قوما تكاروا سفينة، وقدموا الكراء إلى صاحب المركب، فعطب المركب قبل البلاغ، فأرادوا الرجوع على صاحب المركب، فأنكرهم أنه ما تقاضى منهم شيئا، هل تجوز شهادة بعضهم لبعض فيما تقاضى من الكراء؟ فقال: نعم.
قال محمد بن رشد: أجاز شهادة بعضهم لبعض على صاحب المركب، وإن كان كل واحد منهم قد شهد لمن شهد له، وفي ذلك اختلاف: قيل: إن شهادة بعضهم لبعض جائزة، وإن كانت في مجلس واحد، وهو ظاهر قول سحنون هذا، وقيل: إنها لا تجوز، وإن كانت في مجالس شتى؛ إذ ليس موضع ضرورة، وكانوا يجدون من يشهد من سواهم إذا أرادوا أن ينقدوا الكراء، وإلى هذا رجع سحنون فيما حكى محمد عنه، وقيل: إنها إن كانت في مجلس واحد لم تجز، وإن كانت في مجالس شتى جازت، وهو قول مطرف، وابن الماجشون، وسواء تكاروا السفينة على أن لكل واحد موضعا بعينه، سماه منها بما سمى له من الكراء أو تكاروها منه جملة واحدة على الاشتراك فيها، والإشاعة إلا أن يشترط عليهم أن بعضهم حملاء عن بعض بما ينوبه من الكراء، فإن اشترط ذلك عليهم لم تجز شهادة بعضهم لبعض، فيما نقد من الكراء؛ لأنه يشهد لنفسه، ولا