يستطيع منعها، فإن قال: إنما أردت من عندي، ولم أرد ما أجرى عليها أبي، فلا شيء عليه، وإن كان إنما أراد تلك النفقة لا يجري عليها بها أبوه، فقد حنث؛ لأنه قد حلف وهو يعلم أن أباه يجري عليها، وهو لا يستطيع أن يمنعه، فإن كان حلف على منعه فهو حانث، وإن لم تكن له نية حين حلف، ولم يكن طعاما يستطيع أن يمنعه، ولو علم به، فلا شيء عليه.
قال محمد بن رشد: في كلام ابن القاسم هذا في هذه المسألة التباس لطوله، والمعنى فيه إذا اعتبرته أن الطعام إن كان يقدر على منعه، فهو حانث، ولا ينوى معناه مع قيام البينة عليه، وإن كان طعاما لا يقدر على منعه فهو حانث، إلا أن يقول: إنما نويت ألا أنفق عليها أنا من مالي؛ إذ فقد علمت أن نفقة أبي لا أقدر على منعها، فينوى في ذلك يريد مع يمينه، والله أعلم، من أجل قيام البينة عليه، وهو قول صحيح على أصولهم في الأيمان؛ لأن الطعام إذا كان يقدر على منعه فهو كما لو قال من عنده، فوجب أن يحنث بأكلها إياه، ولا يصدق في نية إن ادعاها مع قيام البينة عليه، كما لو أنفق عليها من ماله، ثم قال: إنما نويت طعاما كذا، أو على وجه كذا، وما أشبه ذلك، وإذا كان لا يقدر على منعه كانت النية محتملة إذا لم ينفق هو عليها عن ماله، فصدق فيها، وبالله التوفيق.
[سألته امرأته الإذن إلى أهلها فقال أنت طالق إن بت الليلة إلا في بيتك أو في البيت]
من سماع محمد بن خالد وسؤاله ابن القاسم قال محمد بن خالد: قال ابن القاسم في رجل سألته امرأته الإذن إلى أهلها، فقال: أنت طالق إن بت الليلة إلا في بيتك، أو في البيت، فأقامت وباتت خارجا من البيت في حجرتها.
قال: إن كانت نيته بأنه إنما أراد منعها من إتيان أهلها، فلا حنث عليه، وإن لم تكن له نية فهو حانث.
قال محمد بن رشد: قد تقدمت هذه المسألة لمالك في سماع سحنون، وهي على خلاف المشهور؛ لأنه اعتبر فيها مقتضى اللفظ دون ما