أخذ الدية وهو على قياس القول بأن لولي المقتول أن يجبر القاتل على غرم الدية وهو مذهب أشهب وأحد قولي مالك، والقول الثاني أنه مخير بين أن يقتص منه وبين أن يأخذ منه دية العين التي يترك له وهو ألف دينار، وجه هذا القول مراعاة المعنى في إلزام القاتل الدية شاء أو أبى وهو أنه لما ألزمه أن يفدي نفسه من القتل بديتها إذا أراد ولي المقتول أن يأخذها منه ولا يقتله لزمه أن يفدي عينه من القصاص بديتها إذا أراد المجني عليه أن يأخذها منه ولا يقتص منها، ووجه القول الذي أخبر ابن القاسم أنه أحسن ما سمع القياس على أصل مذهبه وروايته من مالك في أنه ليس لولي المقتول أن يجبر القاتل على غرم الدية، وإذا لم يلزمه أن يفدي نفسه من القتل بديتها فأحرى ألا يلزمه أن يفدي عينه من القصاص منها بديتها، فلكل قول من هذه الثلاثة الأقوال وجه حسبما ذكرناه، ثم رجع ابن القاسم أخيرا إلى ما كان اختاره أولا وهو أن يكون الصحيح إذا فقأ الأعور عينه مخيرا بين أن يقتص منه وبين أن يأخذ منه دية العين التي يترك له وهي ألف دينار وإجراء ما ذكرناه من المسائل على قياس ذلك من تلك أنه إذا فقأ عيني الصحيح في غير فور واحد فإن بدأ بالتي فيها القصاص مثل أن يفقأ أولا اليمنى وعينه الباقية هي اليمنى فيكون مخيرا إن شاء أن يقتص من عين الأعور بعينه التي فقأها أولا ويأخذ دية عينه التي فقأها آخرا ألف دينار وإن شاء أن يترك القصاص من عينيه ويأخذ منه ألفي دينار وإن بدأ أولا بالتي لا قصاص فيها لم يكن له إلا خمسمائة دينار في العين التي فقأها أولا إذ لا قصاص فيها ولم يكن له في الثانية إلا القصاص إلا أن يصطلحا على شيء لأنها عين أعور بعين أعور، فلا يجب فيها إلا القصاص كما إذا فقأ الصحيح عين الصحيح لم يجب له إلا القصاص وبالله التوفيق.
[: أصيبت بعض عين رجل فأخذ عقل ما أصيب به منها ثم أتى رجل ففقأ ما بقي]
مسألة قال عيسى: وإن أصيبت بعض عين رجل فأخذ عقل ما أصيب به منها ثم أتى رجل ففقأ ما بقي منها وفقأ الأخرى جميعا معا