يصليها فيها من التبكير، لا أنه أسفر بها إلى قرب طلوع الشمس، إذ لو أسفر بها إلى قرب طلوع الشمس لما جاز له أن يقرأ فيها ببراءة، وبالله التوفيق.
[الضحية في السفر]
في الضحية في السفر قال مالك: بلغني أن رجلا كان مسافرا وأنه أدركه النحر في السفر فمر براع على رأس جبل فقال له: عندك شاة تبيعها؟ قال له الراعي: نعم، فاشترى منه شاة ثم قال: أضجعها فاذبحها ثم شأنك بها. قال فقال الراعي: اللهم تقبل مني، قال: ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل.
قال محمد بن رشد: حكى ابن حبيب عن أصبغ أنه قال: إنما في هذا الحديث أن ابن عمر ضحى في السفر، وأما المبالغة فيما فعل مع الراعي على طريقة الفقه فلا تجزئ عنه وتجزئ عن الراعي ويضمن قيمتها له فيضحي بغيرها، كمن تعدى على ضحية رجل فذبحها عن نفسه.
وتابعه الفضل على تأويله فقال: بل لا تجزئ عن واحد منهما على أصله المتقدم، وليس ذلك بصحيح، لأن الراعي لم يتعد على ابن عمر في ذبح ضحيته، وإنما ذبحها بأمره وهو حاضر مستنيب له في ذلك، فوجب أن تكون النية في ذلك نيته لا نية الذابح، كمن أمر رجلا أن يوضئه فوضأه فالنية في ذلك نية الآمر الموضأ لا نية المأمور الموضىء. ألا ترى أنه لو نوى فيها لابن عمر خلاف نيته من ذبحه إياها على أنها شاة لحم لم يؤثر ذلك في نيته، وإنما قوله فيما ذبح لغيره وبأمره اللهم تقبل مني، بمنزلة اللهم تقبل مني صلاة فلان وصيامه، فذلك لغو ودعاء غير مقبول. على أنه يحتمل أن يكون الراعي إنما