مسألة ابن وهب، عن معاوية بن صالح: أن العلاء بن الحارث حدثه عن مكحول أنه قال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا تجوز شهادة ستة: مضروب في حد، ومجرب عليه شهادة زور، والخائن، والخائنة، والقانع، وذو الغمر» والغمر الغل.
قال محمد بن رشد: ليس في قوله في هذا الحديث: «لا تجوز شهادة ستة» دليل على أنه تجوز شهادة غيرهم، والمعنى في ذلك أنه خرج على سؤال سائل سأل عن هذه الستة فقال: إنه لا تجوز شهادتهم، فسماهم ولم يحصرهم بعدد، وعددهم الراوي، وأخبر بعدد من سمع منه أنه لا تجوز شهادته، وإنما لم تجز شهادة من ضرب في الحد، وإن كانت الحدود كفارات لأهلها على ما جاء في الصحيح من الآثار؛ لأن الحد إنما يرفع الإثم، ويبقى عليه حكم الفسق، فإن تاب وظهرت توبته قبلت شهادته باتفاق، إلا أن يكون حدا في قذف، فقد قيل: إن شهادته لا تجوز وإن تاب؛ لقول الله عز وجل:{وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور: ٤] ، وهو مذهب أهل العراق، والصحيح أنها جائزة إذا تاب، وهو مذهب مالك وجميع أصحابه، وصفة توبته عند مالك أن يظهر صلاح حاله أو الزيادة في صلاحها، وعند غيره أن يكذب نفسه، ويقر عليها أنه شهد بالزور، وأما من جربت عليه شهادة زور، فلا تجوز شهادته، وإن تاب، وقيل: إنها تجوز إن تاب، وقيل: إن ذلك ليس باختلاف من القول، والمعنى في ذلك أنه إن أتى تائبا، فأخبر أنه شهد بزور قبلت توبته، وإن عثر عليه أنه شهد بزور لم تقبل توبته، وإن