قال الإمام القاضي: وصية عيسى ابن مريم بما أوصى من هذا حكمة، إذ لا يدري المهتم بما يحتاج إليه في السنة، هل يعيش إلى تمام السنة أم لا؟ فاهتمامه بما يخاف من الموت قبل السنة آكَدُ عليه من الاهتمام بما يحتاج إِليه في السنة وبالله التوفيق.
[أي المواضع أَفضل من مسجد النبي عليه السلام للصلاة]
في أي المواضع أَفضل من مسجد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - للصلاة؟ وسُئل مالك عن الصلاة في مسجد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيّ المواضع أَحبُّ إليك؟ قال: أَمَّا النافلة، فمُصلَّى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وأَما الفريضة، فالتقدم إلى أول الصف أَحب إلي.
قال محمد بن رشد: استحب مالك صلاة النافلة في مصلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - للتبرك بموضع صلاته، ورأَى للصلاة في ذلك الموضع فضلاً على سائر المسجد. ومن الدليل على ذلك، «أَنَّ عُتبان بنَ مَالكِ، قَالَ لِرَسُول اللهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يا رَسولَ اللَّه. إِنهَا تَكُونُ الظُّلْمَةُ وَالسَّيْلُ وَالْمَطَرُ، وَأَنَا رَجَلٌ ضَرِير البَصَرِ، فَصَلِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيتي مَكَاناً أَتَخِذُهُ مُصًلّى فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ:" أَيْنَ تُحِبًّ أَنْ أصَلِّيَ؟ " فَأَشَارَ لَهُ إِلَى مَكَان مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» فإذا كان ذلك الموضع من بيته بصلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه صلاة واحدة أَفضل من سائر بيته، وجب أن يكون الموضع الذي يواظب على الصلاة فيه من مسجده أفضل من سائر المسجد بكثير وإنما قال: إنَّه يتقدم في الفريضة إلى أَول الصف، يريد إلى أَول