كان في السفر، كان في آخر الناس حتى يقدم المعتل بعيره والضعيف؛ وهذا مما ينبغي لإمام الجيش أن يفعله: أن يكون في آخر الناس، وأن يقدمهم ويرفق بهم، ولا يعجلهم؛ كأنه يقول إذا فعل ذلك، فإن فيه هلاك بعضهم.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين، ليس فيه ما يشكل، ومن الحجة في ذلك، قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الكبير، والسقيم، والضعيف؛ وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء» . وقد روي عنه أنه قال المضعف أمير القوم، لما يلزمهم من الوقوف عليه إذا وقف، والتأخير بسببه إذا تأخر، والسير بسيره إذا سار، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل من الأندلس يريد أن يلحق بالمصيصة وله أهل بالأندلس]
مسألة وسئل مالك عن الرجل من أهل الأندلس، أراد أن يلحق بالمصيصة والسواحل - وله ولد وأهل بالأندلس؛ أترى له في ذلك سعة؟ قال: نعم، ثم قال: أيخشى عليهم الضيعة؟ قال: نعم، فكأنه لم يعجبه ذلك حين خاف الضيعة.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن قيامه على أهله وولده وترك إضاعتهم - واجب عليه، بخلاف الغزو والرباط، ولا ينبغي لأحد أن يضيع فرضا واجبا عليه لما هو مندوب إليه.