قال محمد بن رشد: هذا كله بيِّن لا إشكال فيه، فيه الإِقرار لعمر بن عبد العزيز بالفضل، وتواضعه هو في تناوله أخذ طعامه هو بيده، وعدله بين نسائه فيما يلزمه فيه العدل بينهن من المبيت في بيت كل واحدة منهن في ليلتها وإن كان واجداً عليها.
وقد مضى في رسم اغتسل من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح ما يلزمه في العدل بينهن مما لا يلزم، وفي رسم الأقضية الثاني، ورسم الطَّلاق من سماع أشهب فيه. فلا معنى لذكره هنا، وفيه اهتباله بالوصية لأهل الذمة بأن يسلف من احتاج منهم من بيت مال المسلمين، معناه: إذا كان شيء يرجوه. وأما من افتقر منهم واحتاج ولم يكن له شيء يرجوه، فالواجب أن ينفق عليه من بيت مال المسلمين. وباللَّه التوفيق.
[افتراق أحوال الناس في عبادتهم وأَعمالهم]
في افتراق أحوال الناس في عبادتهم وأَعمالهم
قال: وحدثنا ابن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: يقال: رُبَّ نائم مغفور له، وقائم مشكور، ودائب مضيع، وساع لغيره.
قال محمد بن رشد: النائم المغفور له هو الذي يكتب له أجر عمله بالنية، فيغفر له بذلك. قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنَ امْرِئ تَكُونُ لَهُ صَلاَةً بِلَيْلٍ يَغْلُبُه عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ أجْرُ صَلاَتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهَا صدَقَةً» . وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض غزواته بالمدينة: «إن بالمدينة أقْواماً مَا سِرْتُم مَسِيرةً وَلَا قَطَعْتُم وَادِياً -أو كما قال- إِلَّا وَهُمْ مَعَكُم". قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "حَبَسَهُم الْعُذْرُ» . وقال اللَّه عز وجل: